المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, 2011

الفكر الشمولي يمركز فلسفة القوة ونقد الحداثة يفتتها ويفتحها على التعددية، علي ديوب

يمثل الفكر الشمولي وطأة على الآخر، من طرف، وعلى الذات،من طرف ثان- إذ يشكل تعذيبا خفيا على هذه الأخيرة (الذات) حين تتحمل،مختارة،أعباء النيابة عن الآخر، و مسؤولية الاضطلاع بكل شيء (الفلسفة، العلم، التاريخ، الدين، الجمال، و حتى العلوم الدقيقة) اضطلاعاً مهووسا بالوضوح و التنظيم و الحصر و الضبط و الاختزال و التعيين، و متطيرا من المجهول و المخبوء و الخفي و المختلف (الجديد، بعامة). الأمر الذي يبعد هذا الفكر/ الوهم عن الاتساق الداخلي، مع الذات، و يقربه أكثر من ميدان العنف و القوة و الاستبداد، خارج فضاء التسامح، و الاعتراف بالآخر، و تقبّل نسبية المعرفة. سمة أخرى تطبع الفكر الشمولي، و تتجلى بجعله المثقف- مثقفه- مشروعاً سلطوياً، مكتفياً بذاته. بل وفائضاً عنها، يحتاجه الجميع، ولا يحتاج أحداً. الجميع في نقص، وهو في كمال؛ وعلى هذا ينبغي على الآخرين أن يذعنوا له- بالقياس على إذعانه هو لسلطته الشمولية- بأن يوافقوا على أفكاره، و يتطابقوا مع تصوراته. أما بالنسبة إلى العالم فعليه أن يتشكل على مقاس فكرته المسبقة عنه؛ وإلا فالعالم في ظلمة، و الإنسان في جاهلية.. و يتحمل، بذلك، صاحب الفكر الشمولي مسؤولية مز...

مؤسس البنيوية كلود ليفي ستروس- بقلم هاشم صالح

نادرا أن يتاح لمفكّر أو حتى لشخص عاديّ أن يعيش مائة سنة كاملة. ولكن لا ينبغي أن نحسده كثيرا على ذلك. فكلود ليفي  ستروس  نفسه يعترف بأنّ تقدّم العمر يمثّل مشكلة أيضا لأنّه أصبح غير قادر من الناحية البيولوجية على العمل والإنتاج والإبداع. كلّ همّه أصبح يتمثل في محاولة الاستمرار على قيد الحياة لا أكثر ولا أقلّ. فتصبح الحياة بالتالي عبئا في مثل هذه الحالة أكثر ممّا هي متعة أو هديّة من القدرة الربّانية. أيّا يكن الأمر فقد أتيح له أن يعيش الوقت الكافي كي يكتب كلّ ما يريد ويعطي ما يمكن أن يعطيه. وهذا هو المهمّ. ولد  كلود  ليفي  ستروس  في عائلة يهودية بورجوازية في الثامن والعشرين من شهر نوفمبر عام 1908 أي بعد جان بول سارتر بثلاثة أعوام فقط ولا يزال حيّا يرزق حتى هذه اللحظة في حين أنّ سارتر مات قبل أكثر من ربع قرن..وكان من المفترض أن يصبح فيلسوفا كسارتر لولا أنّ الأقدار شاءت له مصيرا آخر. فالواقع انّه درس الفلسفة مثل سارتر ولكنه زهد فيها لأنها كانت تجريدية أكثر من اللزوم آنذاك. ورغم أنّ جدّه كان الحاخام الأكبر لفرساي العاصمة الإمبراطورية لملوك فرنسا إلا أنّ علاقته ب...

كتاب الحنان لعاطف خيري

كشف  والحنانُ طعمهُ داكن’’ يميل إلى السُّمرة ، وهو يُرى ، يراه الرضيعُ متحققا غير منقوصٍ ، يراه ويحسّه مِثلما يرى صدْر أمّه يراه المشرفُ على الموت كذلك ، يرى منه صفحةً من وجهه الممتنع مشيحا بلونه إلى جهةٍ لا تطالُها بوصلة’’ ولا يتكّهن بها فلكيِّ مثابر. وهو في كلِّ هذه الأحوال والمراتب مجبول’’ من طينة العصب المتماسكة الهشّة، طينةٍ تبتلُّ بذاتها ولذاتها وتتشكّلُ على أصابع الحاجة والنزوع إلى آخر-كائنٍ ما كان – لا ليمتزج فيه وينصهر ، بل ليتحقّق في عنصرٍ من عناصر التفرُّد بالمكان في الذات العاشقة . والتفرّد بالمكان منزلةُ شاسعة’’ ومتشابكة. إذ أن العشْقَ في جذْر مكان ، ومن انفرد به ، انفرد بالحواس وبسائر شطحات الجسد ، لذلك فإنك لا تستطيع أن تتصوّر الله أو تضع له ملحما ، فقط تتعشّقُه ، لأنه ملءُ المكان. وللحنانُ لون’’ تخطىء العينُ اذ تراه – لأنه مُذاق – وتتوه الكفُّ حين تحاولُ تحسّثس خطوطه المتفرّعة ، وتطشُّ القدمُ برغبتها في الوصول إلى أقرب قريةً من قراه المستترة خلف نهر الظّمأ. والذي سعى إلى لونه ، لعقه وذاقه ، لم يرهْ ولم يذهب إليه . والحنانُ يلتهمُ بعْضَه ولا يشبع ، ...

دريدا و التفكيك، بقلم علي حرب

في ما يلي نصّ للفيلسوف العربي علي حرب حول التفكيك عند جاك دريدا المصدر: جريدة "الشرق" (الدوحة - قطر) التاريخ : 29 أكتوبر 2004 ______________________ مع غياب جاك دريدا جرى الكلام على سيرته في ما سبق. يجدر الآن الكلام على فلسفته وأعماله. ولا مراء أن الرجل يعد مخترعاً في مجاله. لقد افتتح حقلاً للدرس والتنقيب، واستخدم طريقة في التفكير غير مسبوقة، كما ابتكر جملة من المفاهيم التي تركت بصماتها على ساحة الفكر في العالم، كما هي مفاعيل مصطلحات «الأثر» أو «الإرجاء»، وبخاصة "التفكيك" الذي تندرج تحته أعماله.  1-  الأثـر :  بالنسبة الى حقل التفكير دشن دريدا مجالاً أطلق عليه اسم «علم الكتابة»، كما يشير أحد مؤلفاته. والمقصود بالكتابة هنا ليست الحرفة بل الخط والحرف، أي ما هو مسجّل مقابل ما هو منطوق. والجدة هنا قوامها التركيز على المكتوب لا على المسموع، على النص لا على الكلام، على الأثر لا على الصوت. وهكذا فإنما يُكتب ويدوّن، هو المعول عليه، في ما يُقال ويفهم، من وراء التهويمات العقلية والتشبيحات المثالية، التي نجدها لدى فلاسفة الهوية والماهية والأنا والعقل، حيث المعاني والمفاهيم هي ...