صحي بتملا عيني و تشرف غناي
منذ أن طرق أذني الخبر الذي شق على الناعي حمله، و صعب على المستمع إستيعابه، منذ تلك اللحظة التي أعلنت غياب الهرم الأكبر، و بدون أي ترتيب داخلي و بلا شعور مني وجدت نفسي أردد: (في حضرة جلالك يطيب الجلوس،،، مهذب أمامك يكون الكلام)، لازمتني هذه العبارة بشكل هستيري و تعالى هتافها في داخلي منذ لحظة النعي و حتى وجدتني و أنا أقف بوجوم و عيناي دامعتين أمام الجسد المهيب في مثواه الأخير، كان الحزن يشغلني عن الحشد المندفع ليلقي النظرة الأخيرة على الفرعون الراقد في سكون و صمت و هو الذي طالما ملأ الدنيا طرباً و إبداعاً و حباً و وطنية، و ما كان يسرقني من تلك اللحظة الرهيبة لكي أفيق من ترديد هتافي الداخلي: (في حضرة جلالك... مهذب أمامك) غير أن يتعالى هتاف من هنا أو هناك يحي وردي و يهتف بإحدى أغانيه الخالدة في الوجدان، أو يدفعني أحد المتدافعين الذين يحاولون الوصول إلى الصفوف الأمامية ليودع فناناً نُثِرت عليه الألقاب التي تمجده و تعظمه، و برغم ذلك خلد إسمه مجرداً هكذا (وردي)، برغم بريق تلك الألقاب و قوتها التي تحكي قصة حياته و مواقفه و تصور وقوفه منحازاً إلى شعباً ألهبته ثوريته فألهب وجدانه و ت...