مفروش.. تلجيم الثقافة والمعرفة
لطالما كنت مندهشاً ولا زلت من عداء الأنظمة الشمولية للثقافة والمثقفين، وكنت أعتقد أن هذا العداء هو وليد الصراع التاريخي بين "المثقف والسلطة"، كنت أفسّر هذا الصراع في إطار المواجهات السياسية المباشرة، عندما يأخذ المثقف موقفاً واضحاً من السلطة الحاكمة، وفي تاريخنا السياسي ما تضيق به هذه المقالة الموجزة لو حاولنا أخذ بعض هذه الأمثلة وتحليلها هنا، ولكن ما يهمّني هنا هو العداء الذي تظهره السلطة للمثقف، وأعني به هنا ضيق صدرها وتحاملها عليه ومحاولة تكميمه أو إستيعابه في جلبابها، حتى ولو لم يتّخذ موقفاً صريحاً ضدها، فهي تضيق به إن هو غرّد خارج سربها، وينقلب هذا الضيق إلى حالة من الغيرة إذا ما كان المشروع الذي يخطه المثقّف جاذباً للجمهور ووجد رواجاً بينهم، وتتحوّل هذه الغيرة إلى سلوك فتّأك تقوم فيه السلطة بالفتك بالمثقف الذي سحب منها الأضواء، وهذه الغيرة سببها أنّه يفضح السلطة ويعرّيها ويوضّح ضعفها. تتستر الشموليّات في حربها عل المثقفين بذرائع شتى، تستند في الأساس على آيديولوجياتها أيّاً كانت، هذه الآيديولوجيات بما هي أنساق سلطوية تشرعن التفكير والممارسة فهي تضع المعايير أيضاً ل...